طباعة
%AM, %07 %393 %2013 %11:%تشرين1

يسوع المسيح انطلاقاً من الكتاب المقدس

كتبه
قيم الموضوع
(0 أصوات)
يسوع المسيح انطلاقاً من الكتاب المقدس أنا هو الطريق والحق والحياة. هذه الجملة يضعها الإنجيل الرابع في فم يسوع. هذا القول وأمثاله تُعطي الانطباع كأن يسوع كان يستعظم نفسه جداً. بالواقع لم يقُل يسوع
يسوع المسيح انطلاقاً من الكتاب المقدس "أنا هو الطريق والحق والحياة". هذه الجملة يضعها الإنجيل الرابع في فم يسوع. هذا القول وأمثاله تُعطي الانطباع كأن يسوع كان يستعظم نفسه جداً. بالواقع لم يقُل يسوع كذا أقوال. كان يشير عن نفسه الى الله والى الناس. كان يخدُم تلاميذه على المائدة. نعم. ولكنه كان متأكداً ان الله، إله إسرائيل، ينشُط فيه نشاطاً خارقاً حاسماً. كان يعرف ان الله يُوجِّه نداءه الأخير الى إسرائيل، دعوته الأخيرة الى التوبة. "مَن يستحيي بي وبكلامي... يستحيي به ابن الإنسان عند الدينونة". نلاقي مثل هذا الزعم أكثر من مرة في اليهودية آنذاك. يوحنا المعمدان: إذا لم تعتمد على يده في الأردن، فأنت خسران عند دينونة الله الآتية. كذلك "معلِّم البر" في قمران شعر نفسه مدعواً مختاراً من قِبَل الله. ونفس الزعم في إيمان اليهودية الاعتيادي آنذاك: عندنا التوراة وهي تحسم. من لا يعيش حسب التوراة فلا مستقبل له عند الله.. التوراة هي الطريق والحق والحياة. خارج التوراة لا خلاص. هذا الشكل من الإيمان مع التوراة ككشف نهائي من الله لإسرائيل لم يكن قديماً جدا في ايام يسوع. اقدم منه الإيمان بـ "اختيار إسرائيل" كيف نشأت هذه الفكرة؟ في القديم كان لكل شعبٍ إلهه. وكان إسرائيل يعيش علاقته بإلهه كعلاقة "عهدٍ". يعني: التزام شخصي من الجهتين. والآن، بعدما تعلّمنا العالم القديم حوالي إسرائيل، نرى بوضوح كيف كانت هذه الفكرة (العهد) فريدةً استثنائية. لما بدأ إسرائيل يعتبر إلهه إله العالم كله وإله جميع الناس، أخذ يعيش ذلك الارتباط الشخصي به كنتيجة لاختيار من قِبَلِه. من جميع الشعوب اختار إسرائيل شعباً خاصاً له. ولكن أخيارَ الناس في إسرائيل لم يعتبروا هذا الاختيار نوعاً من مكانة وامتياز ومفخرة. بل أدركوا ان الله أراد ان يتمّم العالم، وإسرائيل في تلك الخطة الإلهية "مختار". أُخِذَ في خدمة الله لكي تجد جميع الأمم من خلال إسرائيل بعضُها بعضاً في اعترافها بالله الواحد خالقَهم ومَلكهم. "اختيار" إذن: اختيار للخدمة لصالح الآخرين. هذه الفكرة موجودة بصورة واضحة جدا في سفر التكوين، في تلك السلسلة الطويلة من القصص ابتداءاً من الإنسان (وليس "إسرائيل") موضع حب الله الخاص، والإنسان المسؤول عن أخيه (قائن)، والابن البكر بين الإخوة الكثيرين (بنين وبنات)، ودعوة إبراهيم الذي سوف تتبارك به جميعُ عشائر الأرض، والابن المختار نتيجة النعمة، المقرَّب لخدمة الله في جبل الموريا، ويعقوب المختار الذي يتعلم من خلال أخطائه الكثيرة وبعد عشرين سنة ان يسلِّم البركة لعيسو، "مجاناً أخذتَ مجاناً أعطِ"... هذا الإيمان برسالة إسرائيل في سبيل خدمة الإنسانية كان ينتعش من وقت الى آخر. عادةً كانت الفكرة موجودة في الخلفية. خصوصاً بعد المنفى لما كان كل الانتباه يذهب الى الحفاظ على هوية الجماعة. أحياناً قام رجل يهودي واحد وصرَّح بالإيمان القديم، مؤلِّف سفر يونان مثلاً. تفجّر هذا الإيمان القديم فجأةً في يسوع. عنده الاعتقاد ان إله إسرائيل لا ينبُذ أحداً. بالموجب: يسوع متأكد ان الله حُب يذهب الى كل إنسان ويشمُل جميع الناس. فيشعر نفسه مدعواً، "مختاراً" ليلفظ ويُجسِّم هذا الحب بين الناس. هذه هي النية الأولى والأخيرة عند الله حسب يسوع، لهذه اختار إسرائيل، لهذه اختار يسوع في إسرائيل، فيتّخذ يسوع هذه الرسالة على عاتقه. سَمِّ ذلك زعماً وادعاءاً، ولكنه زعم من نوع خاص، من النوع الذي لا تُحسِّن نفسك به، بل تنهار منه. كيف كان يسوع يعيش دعوته، اختياره؟ كيف رأى ذلك تلاميذه فيه؟ فلنبدأ بالإيمان بأمانة يهوه. نحو سنة 740 ق.م لقي عنه النبي هوشع تعبيراً لا يُنسى. يهوه، الشريك الإلهي في العهد مع إسرائيل هو حسب هوشع زوج أمينٌ وفيّ لا يخون. في عالم البشر يقطع الزوج الأمل أخيراً إذا رأى امرأته تركض دائما وراء عشاق. أما يهوه فلا يقطع الأمل ابداً حتى إذا كان إسرائيل يُكدِّس خيانةً فوق خيانة. هو الله لا إنسان! مستعدّ لأن يبتدئ كلَّ مرة من جديد. نفس الإيمان يظهر عند بعض الأنبياء: إرميا، حزقيال، إشعيا الثاني. هذا الأخير: يهوه هو "الأول والأخر" ضابط كل التاريخ البَشَري. وهو مخلّص وخالق وأب وزوج لشعبه، لما يبقى من شعبه في المنفى. كثيرون اليهود الذين عاشوا هذا الإيمان. المزامير مليئة منه: ثقة بيهوه بلا حدود. هو قادر على ان يُنقِذ من كل ضيق. يتجاسر المصلّي احياناً على الإيمان بأن إلهه يقدر ان يُنقذه من مخالب الموت. مؤلِّف سفر دانيال يلفظ هذا الإيمان في القرن الثاني ق.م. حتى الذين ماتوا يُشركهم الله في ملكوته. موضوع ثان متعلق بموضوع الإيمان بيهوه المُنقذ. إسرائيل موجود والفضل فيه يعود الى إنقاذ إلهه. فبالنتيجة: على كل من ينتمي الى إسرائيل واجب ان يكون مُنقذاً للآخرين. اللوحة الثانية في الكلمات العشر. من جعل قريبه في الضيق أخطأ ضد يهوه: أح 19: 14 " لاتلعن الأصمّ، وأمام الأعمى لا تضع معثرة، واتق إلهك: أنا يهوه". أنت كإسرائيلي تُنكِر هويتَك إذا لم تُنقِذ قريبك، لأنه لولا إنقاذ يهوه لما كنتَ. من ثم شدة غضب الأنبياء على الأغنياء في الشعب: أنَسيتُم أنكم كنتم عبيداً في مصر...؟ والملك هو أولاً ملك للفقراء والمظلومين والأرامل واليتامى... ثم، الأنبياء مرسَلين الى إسرائيل، لا الى الأمم. ولكن في كلامهم لإسرائيل يتكلّمون عن "الإنسان" وإن خاطبوا اهل السامرة أو اهل اورشليم. أعني: إذا كان هناك الله يدعوك دعوةً، فلا يعود يفرق إذا كنت من هذا الشعب أو من ذاك: أنت الشخص الإنساني مدعو. والأنبياء كانوا يُلاقون مقاومةً، دائماً. خاصة عند الكبار: ملوك، أغنياء، كهنة. "أُرسلُك... نبياً... فأجعل جبهتَك مثل الماس أصلبَ من الصوّان، فلا تخف منهم... وأنا أكون معك...". يمثل هذه الأقوال بين الأنبياء كيف كانوا يعيشون دعوتهم. الدعوة النبوية لم تكن أمراً يسيراً سهلاً. في شخص يسوع نجد كل هذه المواقف والخبرات والبصائر. إيمان هوشع والكثيرين بعده. الثقة بإله يحبّ الناس ولا ينبذهم ابداً. يسوع يؤمن بان الله يحبه. هذا هو الينبوع الكبير الذي ينبثق منه كل شيء في حياة يسوع. "أبـّا". الثقة الكاملة بإلهه ينقُلها يسوع الى الناس. الله بدأ الان يقرُب ملكاً طيباً. التوبة تعني أنك تتفتّح لهذا الواقع، ان تسمح لله بأن يكون ملكَك مثلما سمح له يسوع. مثل يسوع ان تكُفّ عن أن تؤمِّن نفسك وان تضمُن حياتك وشخصك ضماناً. كان الأنبياء يُعلنون ان الله واقف من طرف الفُقراء والمظلومين. يسوع عمل أزيد: ذهب يقف هو من طرفهم: الخطأة. وبهذا خاطر بأن يُنبَذ هو مع الخطأة. لماذا يعمل هذا؟ لأنه متأكد ان الله هكذا، وأنه من رسالته ان يُترجم ألوهية الله بإنسانيته، عملاً وكلاماً، وموتاً. كان يتوجّه عادةً الى اليهود "الخراف الضالّة من بيت إسرائيل". ولكن عنده هو كذلك نجد "الإنسان" السبت؟ هو خاص باليهود أليس كذلك. مع ذلك يقول يسوع: السبت للإنسان. كثيرون من الأنبياء "أكلتهم غيرةُ" رسالتهم. إسماع صوت الله لشعبٍ عنيدٍ متمرّد. يسوع أيضاً لاقى مقاومة فينتظرن مصيرُ مماثل. في مواصلة الرسالة حتى وسط المقاومة أدّى يسوع ترجمةً إنسانية جميلة لحب الله للبشر رغم عنادهم ورفضهم. كان يرى خدمة الله في خدمة الناس. خدمة المائدة، غسل أقدام تلاميذه، آية الخبز والخمر. أتم يسوع خدمته بموته. في موته صار تماماً "ترجمة" الله، كشف الله، "صار إنساناً" بالمعنى الذي أراده الله منذ البداية: صورة الله. فبدأ التلاميذ أن "يروا" يسوع كظهورٍ لله. كل ما عاش في إسرائيل سابقاً من اتصالات بين الله والإنسان، كل أشكال الكشف من قِبل الله، وكل أشكال الجواب عليها من قبل الناس، من قبل أشكال "العبيد"، كل ذلك ظهر الآن قد حدث في هذا الإنسان الفريد، يسوع الناصري. الدعوة الى إسرائيل التي اسمُها "يهوه"، إرشادُه، تضامُنه، يسوع لفظها وجسّمها في شخصه، و "جاوب" في شخصه تماماً على ذلك الإله. وهذا الإيمان أخذ التلاميذ يُعبِّرون عنه بطرقٍ مختلفة في تلك الأيام الأولى. خاصةً من خلال قصصهم حول يسوع. وهنا أحد أسباب سوء الفهم اللاحق حول شخص يسوع. أحياناً كانوا يُخبرون بما رأوا أو سمعوا منه. بنوع من التقرير، كما كان يمكن كل شاهد ان يعمله. ولكنهم مراراً صاروا يحكون عنه انطلاقاً من بصرهم الجديد، انطلاقاً من إيمانهم بأن الله ذاته انكشف في هذا الإنسان. وهذا طبيعي. لأنك تستطيع ان ترى الى شخص من وجهتي نظر. بالعموم جداً: مرة تصفه وصفاً موضوعياً "كما يراه كل واحد"، ومرة أخرى تتكلّم عنه من تقييمك الشخصي. إذا صرتَ مولعاً بشخصٍ فتتكلّم عنه بطريقةٍ غير الطريقة التي كنتَ تتكلّم عنه وأنت في علاقة شغل معه فقط. صار اليهود يُعبِّرون عن حبّهم للتوراة. بالواقع كانت كتاباً مؤلَّفاً خلال قرون طويلة وتمّ تاليفُه في نحو سنة 400 (أيام عزرا). هذا هو الواقع التاريخي "الموضوعي". ولكن اليهود أخذوا يرون هذا الكتاب "كشفاً" عن كل ما أراد الخالق وقصَده منذ الأول. فعبّروا عن ذلك بالقول إن التوراة الله صنعها قبل الخلقة قبل الأشياء الأخرى. كانت عند الله "منذ البدء". فالتلاميذ أخذوا يعمَلون شيئاً مماثلاً مع يسوع. ما أراده الخالق وقصَدَه منذ البدء ظهر في يسوع. فصاروا يقولون إن يسوع كان عند الله منذ البدء، كلمتَه، قصدَه، ابنه، من الأزل. كان وجب لو أعطَينا هنا أمثلة أخرى كثيرة عن "كلام" التلاميذ الذي به عبّروا عن إيمانهم: قصص العجائب، قصص الولادة... حكوا انطلاقاً من حبّهم وتقييمهم ليسوع. هذا كلام الحب. ولكن في قرون لاحقة لم يعُد الناس يشعُرون ان تلك القصص تحكي كلام الحب، فصاروا يسمعونها كتقارير موضوعية عن أحداثٍ كان في وسع كل واحد أن يراها. فهكذا نشأ الاعتبار ان يسوع قد كان "شخصاً" قبل ولادته. كان عند الآب منذ الأزل. وحين أرسله الله الى الناس كان عندك واحد يفعل ويحكي انطلاقاً من شخصية مزدوجة، كابن الله وكإنسان. نتيجة ثانية من هذا التصوُّر: فكرة "خطّة خلاص". انتظر الله خلال قرون طويلة قبل ان يُرسل ابنه. أرسله "في ملء الأزمنة". هذا ايضاً عند كثير من المسيحيين كأنه واقع موضوعي. هذا الاعتبار يسبّب عند البعض الضحك والسخرية. خصوصاً لأننا نعرف الآن أن "فترة الانتظار" لم تكن بين 3 و 4 آلاف سنة (كما يقول التوقيت الكتابي) بل بين مليونين وثلاثة ملايين سنة... ولماذا لم ينتظر الله ألفَي سنة أخرى فيُرسِل ابنه: الآن التلفزيون والكمبيوتر وكل شيء جاهز... نحن بمستحقّين لكذا استهزاء إذا استخدمنا لغةَ الحب والإيمان كلغة "واقع السوق"... حينئذ نشبه الشاب المولع الذي يحاول ان يُبرهن ببراهين مأخوذة من الفيزياء ان حبيبته ألطف بنت وأحسنها في الدنيا... التلاميذ رأوا في يسوع، بعد موته، الإنسان الذي جاوب تماماً على نية الله مع البشر، صورة الله، ابنه المتعلّم، ذاك الذي فعلاً أظهر لنا كيف هو الله من الأزل والى الأبد. هذا كان ردّ فعلهم هم كمؤمنين. وكان ممكناً ان يُرَى بشكل آخر. الرؤساء اليهود مثلاً رأوا فيه خطراً على المجتمع اليهودي ومكانتهم فيه. هذا ما صنعوه انطلاقاً من إيمانهم هم. الإيمان بيسوع يعني أنك تختار لنفسك وُجهة نظر التلاميذ الأولين، أنك تنضمّ الى تقييمهم ورأيهم ليسوع كالإنسان الذي فيه "الله" نفسُه يُظهر نفسه. كلمة "الله" هنا تقصُد كل ما هو مهم حاسم عميق أخير. فالإيمان بيسوع لهذا السبب يخصّ كل حياتك، وليس شيئاً ثانوياً إضافياً كمثل شيء "تأخذه مع الأكل بين الشوربة والبطاطة"... ولكن كيف تفهمه وكيف تُعبِّر عنه؟ كان التلاميذ يتصرّفون في ديانتهم اليهودية مخزناً كاملاً من العبارات والصور. كلمة الله، ابن الله، مشيح، عبد الله، فادي، حمل الله... نحن في عصرنا، علينا ان نفتش عن طرائق جديدة للتعبير عن اعتقادنا بأن يسوع ذاك الذي يظهَر فيه الله. اللاهوتيون يشتغلون فيه "ساعات إضافية"... مرقس يقول إن المؤمن لا يقدر ان "يرى" يسوع في حقيقته إلا إذا كان فعلاً يتبعه في طريقه العملي. هذا يبقى صحيحاً اليوم أيضاً. الإنجيل الرابع يقول إننا تعلّمنا من يسوع ما الحب حقيقةً: هو بذل حياته من أجلنا، فإذن نحن... ربما ذهب متى أبعد من ذلك في فصله الـ 25: حتى إذا لم تسمع عن يسوع قط وتنسى نفسك من اجل الآخرين فأنت من "مباركي أبي"... بولس، كل العهد الجديد، بل وكل العهد القديم... فعلينا ان نتعلّم ونجسّمه في أعمالنا وكلامنا. هذا هو عقيدة التجسد "المسيحية. كل عقيدة تبقى في النظريات ولا تنزل في أرض الواقع هي كاذبة عقيمة... للنقاش - هل يسوع إنسان اعتيادي فقط؟ ما معنى "إنسان"، ما معنى "اعتيادي"؟ - يقال في الكلام المسيحي التقليدي: "يسوع هو إله حق وإنسانٌ حق". هل هما شيئان؟ ماهو أهم؟ ان يكون إلهاً حقاً؟ أم ان يكون إنساناً حقاً؟ أم هذه اسئلة بلا معنى؟ - إنجيل لوقا يلحّ في ان "هدية" القائم من بين الأموات لتلاميذه كانت: "ان يفتح لهم الكتب"، يعني: موسى والأنبياء يساعدوننا في فهم يسوع، وفي فهم كوننا مسيحيين إذن. - هل يكفي ان نقول جواباً على السؤال: أين الله؟: الله في السماء؟ - هل هناك "حياة أبدية" بعد الموت، إذا لم توجد "حياة أبدية" قبل الموت؟ - هل ممكن التكلم عن "حياة بعد الموت" إطلاقاً بدون كسر الخبز وتوزيع الكأس ذكراً له في هذه الحياة؟؟
قراءة 61676 مرات آخر تعديل على %AM, %30 %057 %2015 %03:%تشرين2

3539 تعليقات